بتأمين عشائري.. دخول 26 شاحنة مساعدات -طحين من معبر زيكيم فهل وصلت بسلام ؟

25 يونيو 2025

في تطور لافت للوضع الإنساني في قطاع غزة، دخلت صباح اليوم الأربعاء 26 شاحنة مساعدات عبر معبر زيكيم شمال القطاع، محملة بكراتين مساعدات إماراتية ومواد غذائية أساسية، أبرزها الطحين. ورافقت هذه القافلة حراسة مشددة من قبل العشائر الفلسطينية المسلحة التي تولت تأمين الطريق، في مشهد يعكس حجم التحديات الأمنية والتنظيمية التي تواجه عملية توزيع الإغاثة في ظل الظروف الحالية.

توجهت الشاحنات مباشرة إلى المخازن المركزية، تمهيدًا لبدء التوزيع لاحقًا على الفئات المحتاجة، وسط مطالبات بتفعيل الرقابة الشعبية ومنظمات المجتمع المدني لضمان وصول المساعدات إلى مستحقيها دون استغلال أو تدخل من جهات غير رسمية.

الوضع الإنساني في غزة: كارثة متفاقمة

منذ اندلاع العدوان الإسرائيلي الأخير في أكتوبر 2023، يعيش سكان قطاع غزة أوضاعًا إنسانية غير مسبوقة. فقد أدى الحصار المشدد، واستهداف البنية التحتية، إلى انهيار المنظومة الصحية، وتعطل سلاسل الإمداد الغذائي، ما دفع معظم السكان إلى الاعتماد الكلي على المساعدات الخارجية للبقاء على قيد الحياة.

وقد شهد القطاع خلال الأسابيع الماضية انخفاضًا حادًا في وتيرة دخول المساعدات، لا سيما بعد إغلاق معبر رفح بشكل شبه كامل، واستمرار القيود المشددة على معبر كرم أبو سالم، مما رفع أسعار السلع الأساسية بشكل جنوني وفاقم الأزمة الغذائية.

تأمين العشائر: مبادرة شعبية لسد فراغ الدولة

في ظل انهيار منظومة الأمن الرسمية، وغياب الأجهزة الحكومية بفعل الدمار والتشظي، برز دور العشائر والعائلات الفلسطينية كقوة ميدانية تتولى مهام حفظ الأمن وتسهيل عمليات توزيع المساعدات، ومنع ظواهر السطو والتخزين غير المشروع.

وتأتي هذه الخطوة بعد تصاعد المطالب الشعبية بضرورة فرض نظام يحمي قوافل الإغاثة من عمليات النهب أو الاحتكار، خاصة بعد تكرار الحوادث التي شهدت اعتراض شاحنات وتخزينها في مخازن خاصة بعيدًا عن أعين المستحقين.

خلفية سابقة: أزمة الطحين في غزة

منذ بداية العام 2024، تصاعدت أزمة الطحين في قطاع غزة بشكل كبير، بعد أن توقفت المطاحن الرئيسية عن العمل، وقلّت الإمدادات القادمة من الخارج. وقد وثقت منظمات حقوقية وإنسانية وصول سعر كيس الطحين الواحد إلى ما يعادل راتب شهر كامل لعائلة متوسطة، ما دفع الكثيرين إلى الوقوف في طوابير لساعات طويلة أمام المخابز التي تعمل بشكل جزئي.

وسبق أن شهد القطاع موجات من الاحتجاجات بسبب غياب الشفافية في توزيع الطحين، واتهامات لبعض التجار بتخزينه بهدف بيعه لاحقًا بأسعار مضاعفة، مما استدعى تدخل العشائر والجماعات المدنية لتنظيم التوزيع وضمان العدالة في وصول الدعم.

الحاجة إلى آلية توزيع عادلة وشفافة

ورغم أهمية دخول هذه الشاحنات، إلا أن فعاليتها ستظل مرهونة بمدى نزاهة التوزيع وفعالية الرقابة المجتمعية. إذ تحذر أصوات داخلية من إعادة سيناريوهات الاستغلال والاحتكار، وتطالب بتشكيل لجان أهلية مستقلة تشرف على توزيع الطحين والكراتين، وتوثّق المستفيدين وتمنع التكرار أو التحايل.

ختامًا: خطوة مهمة لكنها لا تكفي

يشكل دخول 26 شاحنة من معبر زيكيم إنجازًا نسبيًا في ظل الحصار الخانق، لكنه يسلّط الضوء أيضًا على حجم المعاناة المتزايدة في غزة، وحاجة السكان إلى تدخل دولي عاجل ومنسق لإنهاء الكارثة الإنسانية. فالمساعدات وحدها لا تكفي ما لم يترافق معها رفع الحصار وإعادة إعمار البنية التحتية وضمان حرية الحركة للسكان والبضائع.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.