النساء بغزة لا يصنعن خبزًا فحسب بل يقدمن وصفات للبقاء

وسط أزمة اقتصادية خانقة تضرب قطاع غزة، وفي ظل ارتفاع جنوني لأسعار دقيق القمح، لم تجد العائلات ملاذًا سوى مطابخها، حيث تحوّلت إلى ورش صغيرة للابتكار الغذائي، تصنع الخبز بما توفر من مكونات، علّها تخفف وطأة الجوع عن أطفالها.

في أزقة احدى المخيمات المنشأة مع اندلاع حرب الإبادة على قطاع غزة، تصنع النسوة خبزًا من المعكرونة المطبوخة التي تحصل عليها من إحدى التكايا الخيرية. تغسلها جيدًا من بقايا الصلصة، تضيف إليها ماءً دافئًا، ورشة سكر، قليلًا من الخميرة والملح، ثم تعجنها وتتركها لتختمر، قبل أن تخبزها فوق مقلاة موضوعة على موقد حطب.
“طعمه ليس كالخبز العادي، لكنه يُشبع بطون أطفالي”، تقول احداهن، التي دفعتها الحاجة إلى ابتكار هذا البديل بعدما تضاعف سعر الدقيق أكثر من خمس مرات، بما يعادل 80 شيكل للكيلو الواحد.

ولأن البدائل أصبحت ضرورة، لجأت أخرى إلى طحن الأرز والمعكرونة يدويًا في مطحنة بالسوق، وتحويلهما إلى دقيق منزلي تصنع منه أرغفة قليلة تكفي بالكاد لأسرتها الصغيرة.
في كل صباح، تسخّن الماء على الحطب، وتعجن خليط الأرز مع القليل من الخميرة والسكر والملح، وتحاول تحسين المذاق بإضافة الزعتر أو زيت الزيتون، رغم أن الأخير أصبح مكلفًا للغاية.

بدوره، دخل العدس إلى قائمة البدائل التي يعتمد عليها كثير من العائلات. آية أهل، من حي الدرج، وجدت في طحن العدس الجاف أو بعد نقعه بالماء طريقة لصنع خبز صحي، وإن كان طعمه لا يلقى استحسان أطفالها. تستخدم خلاطًا يعمل عبر شاحن شمسي لتحضير العجين، ثم تطهوه فوق الحطب، محاولة توفير الحد الأدنى من الغذاء.

الخبز لم يعد مجرد طعام على مائدة الغزيين، بل رمز للصمود في وجه واقع يزداد قسوة، ومع تراجع المساعدات، وندرة الدقيق الذي تجاوز سعر الكيس الواحد منه حاجز 1500 شيقل، باتت هذه البدائل المحدودة هي الحل الأخير للعيش. النساء في غزة لا يصنعن خبزًا فحسب، بل يقدمن وصفات للبقاء.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *