في مشهد يلخص حجم المأساة التي يعيشها قطاع غزة، أعلنت وزارة الأوقاف أن القبور في معظم مناطق القطاع لم تعد تتسع لمزيد من الشهداء.
فمنذ أكثر من عشرين شهرًا، تتواصل الحرب الإسرائيلية التي لم تُبقِ حجرًا ولا بشرًا إلا وناله الأذى. ومع هذا الاستنزاف اليومي، لم تعد غزة تملك حتى متسعًا للموتى.
الاحتلال يُمعن في القتل ويمنع حتى الدفن
وفقًا لبيان صدر عن الوزارة الأربعاء، فإن قوات الاحتلال لم تكتفِ بإزهاق الأرواح، بل امتدت أذرع عدوانها إلى أكثر من 40 مقبرة، دمّرتها بشكل كلي أو جزئي، ومنعت الوصول إلى العديد منها، خصوصًا تلك الواقعة ضمن مناطق السيطرة العسكرية.
ومع انكماش المساحات المخصصة للدفن واستنفاد المقابر القائمة، بات البحث عن مكان لدفن شهيد مهمة شبه مستحيلة، ما دفع الأهالي لاستخدام ساحات المدارس والمنازل كمواقع طارئة للدفن.
دفن بلا كفن.. وأكفان بلا طريق
المأساة لا تقف عند هذا الحد، فحتى الأكفان ومواد البناء اللازمة لتهيئة القبور يمنع الاحتلال دخولها، ما يحول دون دفن الشهداء وفق الشروط الإسلامية.
وباتت المستشفيات وساحاتها تضج بجثامين الشهداء، وسط عجز كامل عن دفنهم، في مشهد يفطر القلوب ويكشف حجم الإهمال العالمي لهذه الكارثة الإنسانية.
تكلفة القبر تنهك الأهالي
ومع هذا العجز، ارتفعت تكاليف تجهيز القبور بشكل لافت، لتتراوح بين 700 و1000 شيكل (ما يعادل 210-300 دولار)، في وقت لا تملك فيه العائلات حتى قوت يومها، فكيف لها أن تؤمّن كلفة قبر لوداع فقيدها؟
مناشدات مفتوحة… والرد ما زال صمتًا
في ظل هذا الواقع المؤلم، أطلقت وزارة الأوقاف في غزة حملة “إكرام”، داعية الدول العربية والإسلامية والمؤسسات الإغاثية لتوفير الدعم لبناء قبور مجانية للشهداء، وتوفير الأكفان والمعدات الأساسية للدفن.
هي دعوة لإنقاذ ما تبقى من كرامة، وسط حرب لا تكتفي بالأجساد، بل تطارد الأرواح حتى بعد خروجها.
القتل بلا توقف… والعالم يكتفي بالمشاهدة
منذ السابع من أكتوبر 2023، تتعرض غزة لحرب إبادة شرسة خلفت ما يزيد عن 191 ألف شهيد وجريح، إضافة إلى أكثر من 11 ألف مفقود، معظمهم من الأطفال والنساء.
ورغم كل النداءات والتحذيرات الدولية، ما تزال آلة الحرب تواصل القتل والتدمير والتهجير، بينما الصمت الدولي يمنحها الغطاء للاستمرار.